موضوع: كم نصغر قضية فلسطين بمطلب "الدولة المستقلة"! الثلاثاء مارس 11, 2008 5:41 am
حتى بوش وشارون يؤيدان قيام دولة فلسطينية مستقلة كما أعلنا مراراً بشكل رسمي... فكيف يعقل أن يكون الخط الذي يتبناه بوش وشارون هو نفسه محور البرنامج السياسي لأي فصيل فلسطيني يقول أنه وطني أو ملتزم بالقضية الوطنية، أو مطلب أي جهة عربية أو إسلامية أو إنسانية مناهضة فعلاً للإمبريالية والصهيونية؟!
ألا يدعو هذا التشابه الكبير بين البرنامجين إلى التساؤل والتأمل؟ فهو تشابه يضعنا "واقعياً" أمام احتمالين لا ثالث لهما: إما أن الطرف الأمريكي-الصهيوني مناصر للشعب الفلسطيني دون أن ندري، وإما أن الدولة الفلسطينية منذ البداية مشروع أمريكي-صهيوني...
معقول؟ فلنحسبها مرة أخرى: الطرف الأمريكي-الصهيوني يتبنى رسمياً مشروع الدولة الفلسطينية في سياق "الحل النهائي"، وقد التزم بوش بها رسمياً أمام الأمم المتحدة، فعلامَ المشكلة معه وأخونا يتبنى الموقف المبدئي للكثير من القوى الفلسطينية وغير الفلسطينية؟ ولماذا نصطدم به إذا اعتبرنا هدف النضال الوطني الفلسطيني عبر مائة عام "الدولة"، وحرس الشرف وجواز السفر والوزارات والسفارات والسجون والأجهزة الأمنية وكل ما للدولة من معنى؟!
ربما ظلمنا الأمريكان والصهاينة وهم يريدون بنا خيراً؟ إن بعض الظن إثم...
لحظة! من جديد، كل التنازلات المبدئية والسياسية ما برحنا نقدمها على مذبح "الدولة المستقلة" التي يؤيدها أعداؤنا من حيث المبدأ. فهل المشكلة معهم إذن في التفاصيل، أم في شروط نيل شهادة حسن السلوك الأمنية والديموقراطية والثقافية التي يضعونها لمنح "الدولة المستقلة"؟
ولكن مهلاً! إذا كانت المشكلة في التفاصيل والشروط، فقد سبق والتزمت الجهات التي تدعي التحدث باسم الفلسطينيين رسمياً بتلبيتها في عدد من الاتفاقات وشرعت بتطبيقها، فما الداعي لانتفاضة وسفك الدماء و... "أعمال العنف" على تفاصيل؟ أليس هدفنا جميعاً، نحن وبوش وشارون، "دولتين لشعبين"؟ أما التفاصيل والشروط الأمنية وغيرها، فيمكن أن يتولى أمرها، دون ريب، السياسيون والمفاوضون، كما تولوها من قبل، في أوسلو وغيرها، ببراعة...
أما العمليات "الانتحارية" و"عسكرة الانتفاضة" فيؤخران، بلا ريب، تنفيذ مشروع "الدولة"، فهي إذن تعيق "الاستقلال"، لأن الطرف الأمريكي-الصهيوني موافق على الدولة مبدئياً، ولكنه ينتظر حسن السلوك. والتفاصيل ليست مشكلة ما دام المبدأ قد تمت المصادقة عليه، ولنا تحسين الشروط في المستقبل بإثبات المزيد من حسن السلوك، والمهم الآن أن يتمتع الفلسطينيون بحقهم في أن يعتقلوا بتهمة تهديد أمن العدو الصهيوني على أنغام النشيد الوطني الفلسطيني، وهو ما سيسعدهم كثيراً لأنه سيكون لديهم أخيراً دولة، دولة تعترف بحق العدو بالوجود على معظم فلسطين، مستقلة لا أقله، ولها التزامات أمنية وتطبيعية مع "إسرائيل"، تماماً كالدول العربية القطرية الأخرى ذات السيادة...