ازداد الاهتمام في السنوات الاخيرة بموضوع التنشئة السياسية كأحد ابعاد دراسة النظام السياسي في مجتمع ما. ويقصد بالتنشئة السياسية تلك العملية التي يكتسب بواسطتها الافراد الاتجاهات والمشاعر تجاه النظام السياسي، كما يتعلمون ادوارهم ومسؤولياتهم ازاء هذا النظام، وبعبارة أخرى فإن عملية التنشئة السياسية هي عملية نقل الثقافة السياسية السائدة في مجتمع ما بما تتضمنه من قيم ومعتقدات ومعايير الى الاجيال الجديدة.
وتنبع أهمية دور التنشئة السياسية من الوظائف التي تقوم بها، فهي تضمن استمرار نظام القيم والمعتقدات السياسية في المجتمع من جيل الى جيل، وهي تغرس روح التضامن الوطني والقومي بين المواطنين، ومن ثم فهي أداة دافعة للتكامل، وهي أخيراً أداة للضبط الاجتماعي، تقوم بتأكيد قيم معينة دون قيم اخرى.
ويتفق الباحثون على ان عملية التنشئة هي عملية مستمرة لا تقتصر فقط على صغار السن ولكن تستمر عبر مراحل الحياة المختلفة، ومن اهم ادوات التنشئة السياسية واكثرها فاعلية وتأثيرا النظام التعليمي، ومن هنا تأتي أهمية دراسة الكتب المدرسية كمؤثر في عملية التنشئة السياسية، والقيم والمفاهيم التي تسود في مجتمع ما، حول احدى القضايا الداخلية او الخارجية.
وترجع أهمية الكتب المدرسية كمؤثر الى اكثر من اعتبار:
أولها: انها تندرج ضمن الادوات المؤسسة للتنشئة والتي تقدم المعلومات والقيم الى الجمهور المستقبل لها بشكل مرتب ومنظم.
وثانيها: ان الكتب المدرسية وتحديداً تلك المتعلقة بالتاريخ او العلوم الاجتماعية عادة ما تزعم الموضوعية، لذلك فإنه يُنظر اليها على انها حقائق، ولا تتضمن آراءً منحازة لطرف او لآخر.
وثالثها: ان الكتب المدرسية تخاطب جمهورا في مقتبل العمر، غير قادر على التمحيص، ومن ثم تلعب دورا رئيسا في تشكيل رؤيته للقضايا المختلفة بخاصة عندما نتذكر ان المعلومات الدراسية بخصوص عدد من الموضوعات كثيرا ما تكون نهاية المطاف بالنسبة لعدة ممن لا يهتمون بهذه الموضوعات.
وأخيراً: فإن دور الكتب المدرسية يزداد اهمية عندما تدعم ادوات التنشئة الاخرى في المجتمع الاتجاه الوارد فيها.