إلى متى سيبقى الخطاب العربي انفعاليا ويتسم بالغوغائية ، وبعيدا عن لغة المنطق ولغة العصر وجنوحه للمكابرة، والالحاح على الآخرين بأن يقتنعوا بما لا اقتناع فيه حتى فقد المصداقية والاعتبار ولا يحظى لدى الغرب بالقبول الجاد لما يرد فيه….؟
إنه لمن المؤسف والمحزن حقا ، وبعد كل التجارب والأزمات التي مر بها الوطن العربي وجميع الهزائم والكوارث التي حلت بالأمة ، لم نتعلم شيئا ، ولم نكلف أنفسنا لو للحظة لمحاسبة أنفسنا والكف عن اتهام الآخرين والتصالح مع بعضنا البعض على أساس التسامح والعفو ، لكي يتسنى مصالحة وسلام مع الآخرين ، بدلا من الوقوف على الأطلال وبكائها كما فعل شاعرنا امرؤ القيس أو الاكتفاء بالشجب والتنديد ولغة الوعيد، وخطب وقصائد عصماء ، فالمرحلة الحالية لا تتطلب البكاء أو التنديد بقدر تأمل الحالة ودراستها دراسة شاملة والبحث في سبل تمنع وتوقف تلك الانهيارات الحاصلة في الوطن العربي وذلك بتحليل الممارسات واقعية أو افتراضية من أجل التعرف على مواطن القوة والضعف فيها واستقراء المشكلات المستندة و المبنية على براهين وحجج باستخدام العقل والمنطق والتركيب والإبداعية في اقتراح التشخيص الجيد والتحليل المناسب والقرار السليم والاقتراحات الملائمة للوضعية وإلا بات الوجود العربي مهدداً بالانقراض….
العالم يتغير وبشكل سريع وما يحدث من انجازات مذهلة حققها الإنسان في العديد من المجالات بحيث اصبح الإنسان يركض لاهثاً كي يلحق بهذه الانجازات المتسارعة وهي تطلع على الدنيا كل يوم بشيء جديد إلا اننا في الوطن العربي نتراجع ونتقهقر ونقتدي بجهلة تورا بورا الذين اخترعو دينا جديدا لهم غريبا وبعيدا كل البعد عن ديننا الإسلامي الحنيف والذي تأسس على الخطاب الإلهي الأول للنبي العربي محمد صلى الله عليه وسلم وهو يتعبد في غار حراء “إقرأ” ، ليخرج الناس كل الناس من الظلمات إلى النور….
فها هي الجمعية الدولية للمترجمين و اللغوين “واتا” والمنتحلة اصلا الأسم ، بدأت تعتقد واهمة انها صاحبة الحل والعقد لتقرر ما تريد أو أن تفعل ما تشاء حسب أهوائها تبعا لمصحة أفراد يريدون فرض اجندتهم السرية ، متناسية ان هناك في الوطن العربي انظمة وحكومات ما زالت قائمة ، أو أنها بدات تعتقد فعلا ان الوطن العربي قد خلا من رجال السياسة وان واتا العتيدة وأبناء كهوف تورا بورا قد حلوا محل تلك الدول والحكومات وبامكانها ان تفعل المعجزات وتتصور بانها هبة الله تعالى للعباد وانبياء بعثهم الله بعد انتهاء النبوءة واختص بهم البلاد العربية لاغير ، لتخوض حربا ضد الولايات المتحدة الامريكية نيابة عن الأمة وتدعي بأن صواريخها “واتا هوك” تقصف بعنف ، تقصف من تشيلي إلى فيجي مرورا بتورا بورا وبأن صاروخ “واتا هوك” سيحطم “توماهوك” وفوق ذلك كله وقعت الولايات المتحدة الأمريكية في كماشة العقول العربية وفي الكمين الاستراتيجي وبات ما يسمى بالغول الامريكي ضعيفا وعاجزا عن المواجهة وأن ما يحصل هو انتفاضة فكرية عربية مع ان مؤشرات الواقع تقول:” اغتيال فكري منظم و بعقلية اجرامية” … وبهذا فهي تلعب دوراً أكبر بكثير من حجمها المتواضع حتى وأن كان كل أبناء كهوف تورا بورا معها…
حقا أنها لماساة ان نعيش هذه المهازل وهذه التمثيليات الكوميدية البلهاء اذ لا يعرف القاريء حين يقرا عن حروب التحرير والكلمات الرنانة لما يسمى بالمبدعين والمثقفين العرب لا يعرف الانسان ايضحك ام يتحسر ويكتئب لهذا الواقع البائس الذي يرى فيه كيف تتقدم شعوب العالم وتتطور …
وهذة المسرحية البلهاء تلعب تحت عنوان رفع الحصار عن غزة، وهنا اتسأل هل تريدون رفع الحصار عن غزة فلسطين أم غزة حماس…وهذا فرق كبير!!!
اذن لا ضير ان نرجع للتاريخ لنرى الوجه الحقيقي لحماس.. …
حين وقعت منظمة التحرير الفلسطينة على اتفاقات اوسلو ، رغم كل ما قيل وقال حول تلك الاتفاقات ، إلا أنها أسست سلطة فلسطينية وبدأت تفاوض على تحقيق الحلم الوطني الفلسطيني ، وخلال فترة المفاوضات التي كانت تجريها الأطراف للوصول إلى اتفاق ، كانت حماس تقوم بعمليات ضد اسرائيل ،وهكذا تعطي اسرائيل الذريعة لشن الحرب على الشعب الفلسطيني والتنكيل به ، وتعطيها بنفس الوقت الفرصة من التنصل من الاتفاقات وتاكيد الادعاءت الإسرائيلية بعدم وجود شريك فلسطيني وتعيد الامور الى مربع الصفر ، وتحرج السلطة وتظهرها بالموقف المتخاذل ، لتظهر هي المناضلة والمدافعة عن الفلسطينين… وبهذا استطاعت حماس أن توهم الشعب الفلسطيني انها قادرة على حسم الصراع عسكريا ولصالحها وبهذا استقطبت الشارع الفلسطيني الطامح بانهاء الاحتلال والتخلص من فساد السلطة الفلسطينية والتي هي نفسها الآخرى قد ارتكبت أخطاء قاتلة ..افقدها مصدقيتها فى الشارع الفلسطيني… ومن جهتها ولسوء الإعلام الفلسطيني خصوصا والعربي عموما ، استطاعت حماس تجير االانسحاب الإسرائيلي أحادي الجانب من قطاع غزة لصالحها وبأنه انتصار للمقاومة والعمليات الاستشهادية ، وهذا طبعا أعتبره انتقاصا بحق الدبلوماسية العربية و شركائها من الاروبيين وغيرهم … لو أن حماس اكتفت بدورها بالخدمات الاجتماعية ورعاية دور الأيتام و أسر الشهداء والجرحى والأسرى وتوفير الخدمات الصحية والعلاجية لحققت انتصارا ليس بعده انتصار وأتاحت الفرصة للدبلوماسية العربية وخاصة المصرية والأردنية والسعودية للعب على الساحة الدولية لإيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية وانهاء الصراع العربي الإسرائيلي الذي استنزف كل طاقتنا .. إلا أن مشروع حماس مغاير تماما عن المشروع الوطني الفلسطيني وهوة إقامة ولاية
” قندهار جديدة ” ، وهنا يكمن الخطر الحقيقي والمأزق الحقيقي الذي يهدد القضية الفلسطينية ،
وبهذا المشروع تكون حماس قد قدمت خدمة إلى اسرائيل ، وقد بدأ ملامح هذا المشروع تتضح رويدا رويدا بدءا بانقلاب حماس على السلطة وتورطها في جرائم قتل أطفال وإختطاف صحفيين، وتعذيب مورست بحق نشطاء من حركة فتح من خلال إلقائهم من أعلى أبراج سكنية في قطاع غزة، الأمر الذي يؤدي إلى تشوه وتهشم كامل للجثث حال ارتطامها بالأرض، الاعتداءات المتكررة لمليشيات حماس على حرية التعبير وعلى الصحافيين ونعتها بالديمقراطية التي أوصلتهم إلى السلطة بالفكرة الكافرة ، على حد ما جاء على لسان أحد مسؤوليها المدعو سامي أبو زهري وتسمية أحد احياء غزة ” قندهار” ومحاولتها المستميته الاستفراد بالسلطة على حساب المصالح الوطنية … والان وبعد أن استطاعت حماس بسط سيطرتها على قطاع غزة والعمل على إقامة ” قندهار جديدة ” وما عليها الان ألا ان تجد مخرجا من الحصار المفروض على قطاع غزة لاستكمال مشروعها الظلامي، فلم تجد سبيلا إلا توظيف “سكويلر” الشخصية التي كانت تبرر افعال وجرائم ” نابليون” في مزرعة الحيوانات لـ جورج اورويل… وهنا يتضح دور الجمعية الدولية للمترجمين و اللغوين “واتا” المزيفة.. …
وختاما ، اتوجه بجزيل الشكر إلى الاكاديمين العرب بعدم مشاركتهم بتلك المسرحية البلهاء ، ابطالها عامر العظم وكورس أبناء كهوف تورا بورا ، وأن دل ذلك أنما يدل على وعي ومعرفة بالمسؤلية الملقاه عليهم وهانذا اشاطركم المسؤلية والتحدي ليطلع أبناء شعوبنا على الحقائق ، والله من وراء القصد…